هو ابن رجل ساحر في قصر ملكي شرقي يدعى ابراشيت. وكان مكرماً عند الملك هو وكل أهل بيته. وكان له ولدان. ولما ماتت زوجة ابراشيت في سن مبكر، كان للملك ابنة بكر حسنة المنظر جداً. أحبها ابراشيت وولدت منه طفلاً سمته أور. ولقد أخفت أمها الملكة عن الملك سر ابنتها خوفاً عليها. وبعد ميلاد الطفل بثلاث سنوات ماتت أمه ابنة الملك. وكانت الملكة تحب الطفل جداً. فلما بلغ الطفل أور ثماني سنوات رآه الملك مصادفة فسأل عنه. فعَّرفته الملكة بحقيقة الأمر. فغضب الملك جداً وأراد قتل ابراشيت. فهرب مسرعاُ وأخذ معه ولديه الكبيرين وابنه أور ومضى بهم إلى أورشليم .
ثم ظهر له ملاك الرب غبريال وخاطبه قائلاً: قم وأمضِ إلى أرض مصر واسكن في جبل النقلون. وقادهم الملاك وأراهم الموضع الذي يسكنون فيه. وكانوا يمارسون أعمال السحر المرذول وبعد وصولهم بخمسة شهور وستة أيام مات أبوهم ابراشيت. وقبل وفاته دعا أولاده الاثنين الكبار وقال لهم: (ياأولادى احتفظوا بهذا الصبي لأنه يكون لكم من أجله مجد عظيم(.
ثم حدث أن ظهرت السيدة العذراء القديسة مريم والملاك ميخائيل والملاك غبريال ظهوراً إعجازياً أدى إلى أن يعتنق الأخوة الثلاثة المسيحية بعد أن تركوا العمل بالسحر.
ثم بدأوا في بناء كنيسة علي اسم الملاك غبريال. وقد تشرف وتبارك المكان إذ حددت السيدة العذراء مكان المذبح والأسكنة وبقية المجمع، وحدد الملاك ميخائيل والملاك غبريال موضع البيعه للقديس أور. فكان بناؤها فرحاً عظيماً لجميع المؤمنين. وكان الأراخنة والشعب يقدمون الهدايا والنذور لبناء البيعة .
ظلت الملكة على غير علم بحال ابراشيت وبأخبار الطفل أور. فظلت تبحث عنهم ولكنها لم تستدل على شىء من أخبارهم. وبعد مضى زمان طويل وهى حزينة القلب لأجل أور. مات زوجها الملك وتولى ابنه المملكة من بعده. وإذ كان يرى حزن أمه الملكة وكآبتها كان يداوم على سؤالها عن السبب. وذات يوم قالت له عاهدني يا ولدى ان تفعل كل ما أقوله لك وأنا أخبرك بسبب حزني. فعاهدها الملك فأخبرته بالسر وأنها تشتهى أن ترى أور قبل أن تموت. فلما سمع الملك لوالدته أرسل رسلاً للبحث عن أور، وكان قد انقضى شهر منذ بدأوا ببناء البيعة بجبل النقلون. فلما وصل الرسل بعد بحث طويل وسألوا عن البناء ومن يقوم ببنائه, عرفوا أن الذي يهتم ببناء الكنيسة هو أور الذي يبحثون عنه. فأخبروه بأن الملك وأمه الملكة أرسلاهم لكي يحضروه معهم إلى القصر الملكي. عبثاً حاول أور الاعتذار لأنه قوبل بالرفض القاطع .
لم يأكل أور ولم يشرب تلك الليلة بل أقام الليل كله مصلياً وطلب شفاعة الملاك غبريال فظهر له ملاك الرب غبريال وأمره بالمضي معهم. وبالفعل في اليوم التالي سافر أور مع الرسل. واستقبله الملك والملكة بإكرام كثير. وبعدها تحدث أور إلى الملكة عن بناء البيعة واستأذن في السفر ليكمله. لكن الملك لم يدعه يمضى. وكان حزيناً مداوما على الصلاة لكي يدبر له الرب الأمر. فظهر الملاك غبريال للملك وحالما رآه سقط على الأرض من بهاء منظره فقال له الملاك: "لا تخف أنا عبد وخادم للإله الحقيقي ملك الملوك ورب الأرباب. خالق الكل ما في السماء وما على الأرض. الذي بيده روح كل أحد واسمي غبريال الواقف أمام رب الكون كله " فأجاب الملك: مرني ياسيدى فأنا عبدك المطيع لأوامرك, فقال له الملاك: " اسمح لأور أن يرحل لكي يبنى الكنيسة التي بدأ ببنائها في جبل النقلون ".
بالطبع لما سمع الملك ذلك نفذ الأمر وعاد أور إلى جبل النقلون. وأعطاه الملك جميع ما يحتاجه للبناء. فهدم أور المبنى القديم المقام بالطوب اللبن وأعاد بناءه بالطوب الأحمر وبنى قلالى للرهبان وأماكن للغرباء . وخلال العمل حارب الشيطان أور محاربات كثيرة لكي يثنيه عن عزمه ويعوقه عن بناء الكنيسة. ولكنه بالتجائه للصلاة بقلب منسحق أمام الرب يسوع المسيح وبشفاعة الملاك غبريال سحق الرب حيل الشيطان وحطم كل فخاخه .
بنعمة الرب ومعونته كمل البناء في اليوم الثاني عشر من شهر بؤونة. وظهر رئيس الملائكة غبريال لأور وقال له: "السلام لك يا أور المحب لله. أعرفك أن هذا المكان صحراء والذين يأتون إليه سيحتاجون إلى ما يسد حاجاتهم الضرورية. وهذا الموضع المقدس سيزدحم كبرج الحمام بالناس الذين يأتون لزيارته من جميع أنحاء البلاد. فحثهم على أن يلتزموا بوصايا الإنجيل المقدس وبتعاليم آبائنا القديسين لكي يحفظهم الرب من كل شر وبلية " وكذلك أمره الملاك أن يذهب للأنبا اسحق أسقف الفيوم ليكرس الكنيسة .
في يوم الأحد السادس والعشرين من شهر بؤونة المبارك حضر الأسقف والكهنة والأراخنة والشعب وكرسوا الكنيسة على اسم الملاك الجليل غبريال ورسم أور قساً. ولم تنقضِ بضعة أيام حتى تنيح الأنبا اسحق الأسقف. فاجتمع الشعب المسيحي وأخذوا أور على الرغم منه ومضوا به إلى الإسكندرية. وهناك سألوا الأب البطريرك أن يقيم لهم أسقفاً فسألهم عمن يختارونه. فقالوا له: إن الروح القدس يعلمك بالأصلح. فلما كان الليل ظهر رئيس الملائكة غبريال للأب البطريرك وقال له: "إن الرب أختار أور القس ليكون أسقفاً على مدينة الفيوم وأعمالها". ولما علم الكهنة والشعب فرحوا ومجدوا الله الذي أقام لهم راعياً صالحاً. ووضع الأب البطريرك اليد عليه وكرسه أسقفاً. فمضى الأسقف أور إلى جبل النقلون وبنى هناك قلالى للرهبان وأماكن للغرباء. وخدم سنوات طويلة .
قبل نياحة القديس أور بثلاثة أيام استحضرني أنا يوحنا كاتب هذه السيرة وقال لي: "لم يبق لي سوى ثلاثة أيام. فعندما اتنيح لا تجعل ثياباً فاخرة على جسدي. ولا تضعني في تابوت. بل ادفن جسدي في التراب غربي الكنيسة لأني خاطىء منذ صباي" وأنه أخبرني بسيرته من مولده. وفى صبيحة اليوم التاسع من شهر أبيب المبارك طلبني أنا يوحنا وقال لي: "أذكرني فهذا اليوم الذي أخرج فيه من العالم وأنا خائف من خطاياي التي صنعتها. والأسقفية التي لم أدبرها حسناً. وقطيع السيد المسيح الناطق الذي لم أحرسه من الذئاب الأبليسية ولكنني أترجى مراحم الرب وتحننه" .
لما قال هذا رشم جسده بعلامة الصليب المقدس وأسلم الروح. فبكينا عليه بحزن عظيم ودفناه في الموضع الذي قال لنا عليه. وأنا الحقير يوحنا أسرعت وكتبت جميع ما قاله لي الأب القديس أور ووضعته في كتاب داخل البيعة تذكاراً له. شفاعة الملاك الجليل غبريال وطلبات القديس أور تكون معنا آمين