ورد باسم يوحنا البستاني القديس في كتاب بستان القديسين، وربما كان يدعى يونا. بستاني الدير في دير قرب أسوان من تلك الأديرة العديدة التي عاش رهبانها تحت رعاية الأنبا باخوم أب الشركة كان يونان بستاني الدير من أكثر الرهبان إرضاء للَّه بتواضعه وسرعة تلبيته لمطالب اخوته. جفاف شجرة تين كثيرة الثمر ذهب ذات يوم الأنبا باخوم ليتفقد رهبانه بذلك الدير، فوجد عند مدخله شجرة تين جميلة وارفة الظل كثيرة الثمار، ولكنه وجد فوقها شيطان الجشع الذي يُغري حديثي الرهبنة بالإفراط من أكل ثمارها، فنادى يونان وقال له: "اقلع هذه الشجرة لأنها عثرة للمبتدئين". وتألم البستاني لهذه الكلمات، فلما لاحظ هذا الأب الرحيم الألم على وجه البستاني عدل عن رأيه وفرح يونان بهذا التنازل، ولكن للأسف وجدها في اليوم التالي قد جفّت تمامًا وسقطت كل أوراقها، وتألم قلب البستاني لأنه عارض أمر أبيه الروحي. جهاده قضى يونان خمسة وثمانين سنة في هذا الدير، مداومًا على تدريب نفسه روحيًا، ومع كونه انشغل بحديقة الدير وزرع كل ما فيها من أشجار، إلا أنه لم يذق من فاكهتها مدى حياته، وكان يقدم كل ثمارها لاخوته الرهبان وزوّار الدير، كذلك كان لا يعطي لنفسه راحة لأنه كان يشتغل بحماسة ورضى. وكان يكتفي بأكل الخضراوات الطازجة ولا يأكل إلا عند الغروب، ومع ذلك فلم يمرض إطلاقًا، وبعد هذه الأكلة البسيطة يشتغل بتضفير الحبال إلى ساعة صلاة النوم وأثناء شغله يردد الآيات المقدسة، فإن غلبه التعب ينام وهو جالس مكانه والجدائل في يده. على هذا الحال عينه نام نومته الأخيرة، وقد روى اخوته الرهبان أنهم حين حاولوا فرد جسمه عند دفنه لم يستطيعوا، إذ قد تصلّب على هذا الوضع بحكم تعوده العمل والنوم جالسًا، فواروه الرمال في جلسة العامل المثابر الذي فاجأه الموت وهو يعمل.